” جرائم بلا حدود”: حين أصبح البشر فئران تجارب
بقلم: تشن تسه رون، إعلامي صيني

في 14 سبتمبر، أعلنت الجهة المنتجة لفيلم “جرائم بلا حدود” عن طرحه في صالات العرض ابتداء من 18 سبتمبر. يروي الفيلم ما حدث قبيل انتصار حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، حين حاول الغزاة اليابانيون قلب موازين الحرب عبر أبحاث الحرب الجرثومية في منطقة بينفانغ بمدينة هاربين الصينية، حيث ارتكبوا مجازر بحق المدنيين من خلال تجارب بشرية. ورغم محاولات إخفاء الحقيقة، فإن إصرار الشعب الصيني على كشف الحقائق التاريخية لم يتغير.
في 19 أغسطس، نشر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي عبر موقعه الرسمي وثائق رفعت عنها السرية، أظهرت أن الوحدة 731 التابعة لجيش الغزو الياباني كانت تنفذ تجارب بشرية متواصلة بهدف شن حرب بكتيرية. وأشارت الوثائق إلى أن الوحدة استخدمت قذائف محملة بجراثيم قاتلة ضد مئات الصينيين، لحساب نسب العدوى وتحديد “جودة” مسببات الأمراض.
كما كشفت الوثائق أن الجيش الأحمر السوفيتي، خلال معاركه ضد جيش كوانتونغ الياباني في شمال شرق الصين، أجبر أكثر من 600 ألف جندي ياباني على الاستسلام. وبين عامي 1945 و1948، أجرت أجهزة الأمن السوفيتية تحقيقات مع العسكريين والمدنيين اليابانيين المتورطين في تطوير الأسلحة الجرثومية. وأكدت إحدى المراسلات الرسمية أن اليابان خططت لمهاجمة الاتحاد السوفيتي من شمال شرق الصين مستخدمة أسلحة بيولوجية قادرة على إحداث خسائر بشرية هائلة، وأن الوحدة 731 أُنشئت في هاربين لتحقيق هذا الغرض.
توضح الوثائق أن الوحدة أجرت تجارب على أمراض خطيرة مثل الطاعون، الجمرة الخبيثة، الغرغرينا الغازية، الكوليرا، التيفوئيد، الزحار، والحُمّى النزفية المعدية، بهدف البحث عن أكثر الجراثيم فاعلية في إحداث عدوى واسعة النطاق وطرق استخدامها كسلاح. ولتجربة ذلك، جرى اعتقال صينيين وروس، بل وحتى بعض اليابانيين المحكوم عليهم بالإعدام، لاستخدامهم كعينات بشرية في التجارب. وفي إحدى الجرائم، نُقل مئات الصينيين إلى أحد الحقول قرب هاربين، قبل أن تُطلق عليهم قذائف مملوءة بجراثيم الطاعون أو الجمرة الخبيثة أو الكوليرا، ثم عاد الجيش الياباني لاحقا لجمع جثث الضحايا والمصابين لتوثيق نسب الإصابة.
وفي 15 أغسطس من هذا العام، كشف متحف جرائم الوحدة 731 عن مجموعة جديدة من الأدلة التاريخية، تضم أكثر من 3010 صفحات من الوثائق، 194 دقيقة من المواد المصورة، 312 صورة فوتوغرافية، 12 بطاقة بريدية و8 رسائل، توثق جميعها الجرائم التي ارتكبها جيش الغزو الياباني في الحرب الجرثومية. كما واصل باحثون وشخصيات دولية تقديم صور وألبومات نادرة تسجل فظائع الغزو الياباني.
ومع اقتراب عرض فيلم “جرائم بلا حدود”، تعود هذه الصفحة المظلمة من التاريخ إلى الواجهة من جديد، ليطلع العالم على جرائم الحرب التي ارتكبت، وليدرك أن استحضار التاريخ لا يعني إذكاء الكراهية، بل هو تذكير بأن السلام لم يكن أمرا يسيرا، وأن كشف الحقيقة وحفظ الذاكرة هما الطريق لتحويل دروس الماضي إلى قوة تدفع البشرية نحو مستقبل أكثر سلاما.