هكذا تمكنت الصين من تجنب الموجة الثانية من “فيروس كورونا”
رشيد ازريقو صحفي بقناة الصينية العربية
بعد الوقت العصيب الذي مرت به الصين في بدايات تفشي كوفيد-19، لكون الفيروس مجهولا وسريع الانتشار بين الناس، ها هي الحياة الآن تعود إلى طبيعتها في جميع المدن الصينية، ومن بينها مدينة ووهان، التي سجلت فيها أولى الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
تعافت ووهان من تداعيات الوباء وأصبحت واحدة من أكثر مدن العالم خلوا من كوفيد-19. ورغم أنه ليست هناك إلزامية لارتداء الكمامة بالمدينة، لكنها أصبحت اليوم شبه عادة لمعظم الشعب الصيني.
في يونيو الماضي أبلغت بكين عن حالات إصابة بكورونا في سوق شينفادي للجملة، وكأن الفيروس يذكر الصينيين والعالم بمركز تفشيه لأول مرة بمدينة ووهان، ما أثار مخاوف من عودة انتشاره أو ما تعرف بالموجة الثانية، التي ربما ستكون أكثر فتكا وخطورة. لكن الصين كانت أخذت درسا قاسيا سيبقى محفورا في ذاكرة كل صيني وأجنبي عاش وعايش هذه الجائحة، فاستجابت بشكل سريع وبحزم للتصدي لهذا العدو الخفي، وسخرت كل ما تملك من طاقات وقدرات للتغلب عليه.
وأصبحت قدرة الصين على إجراء اختبارات الحمض النووي والكشف والترقب جد متقدمة ومتطورة وسريعة، إذ استطاعت السلطات الصحية الصينية إجراء 78. 3 مليون اختبار لمرض فيروس كورونا كل يوم. وتزامن ذلك مع إطلاق لجنة الصحة الوطنية برنامج تدريب على الأنترنيت لتطوير قدرات المهنيين المعنيين، بهدف تحسين قدرة اختبارات الحمض النووي في مختلف مناطق البلاد، ما ساعد كثيرا في الكشف المبكر للمرضى، والسيطرة السريعة والمحكمة في تفشي الفيروس في باقي المدن الصينية، ومن بينها مدينة تشنداو الواقعة بمقاطعة شاندونغ شرقي البلاد، التي ظهرت فيها حالات محلية الإصابة بدون أعراض في شهر أكتوبر المنصرم، فقامت باختبار الحمض النووي لجميع سكانها البالغ عددهم 11 مليون نسمة. واستكملت السلطات الصحية كل هذه الاختبارات في وقت قياسي لا يتجاوز خمسة أيام.
وبهذا تكون الصين بقدرتها الهائلة والمتطورة والعنصر البشري المؤهل تبني سورا صينيا عظيما جديدا في وجه هذا الوباء، الذي مازال ينتشر ويخلف خسائر جد فادحة في جميع المجالات. كما استطاعت الصين التحكم في الوضعية الوبائية في عموم البلاد.. لكن رياح كورونا تهب بما لا تشتهيه الأطقم الطبية، إذ تم تسجيل حالات إصابة جديدة بدون أعراض بفيروس كورونا في الأيام القليلة الماضية، نواحي مدينة كاشغر بإقليم شينجيانغ، شمالي غربي الصين، حيث أتواجد أنا الآن، وأكتب هذه الأسطر المتواضعة من داخل الحجر الصحي بمدينة أورومتشي.
وقامت السلطات الصحية بإجراءات احترازية لتطويق انتشار الفيروس بين أبناء الإقليم وباقي مناطق الصين، إذ تم في أربعة أيام فقط اختبار حوالي 77. 4 مليون شخص؛ وبهذا تكون الوضعية الوبائية تحت السيطرة ومتحكما فيها.
كل هذه الخبرات والتجارب المتراكمة التي مرت بها الصين، منذ ظهور الإصابة الأولى في مدينة ووهان، لن تسمح للموجة الثانية من فيروس كورونا أن تحدث، إذ أضحت السلطات الصحية للبلاد تتمتع باليقظة الدائمة وتعمل على تتبع حالات الإصابة الجديدة والمشتبه فيها بتقنيات جد متطورة.
وبفضل هذه التدابير الاحترازية والصارمة والتزام الشعب الصيني بجميع التوجيهات الصحية، أصبحت الصين تعيش مرحلة السيطرة الشاملة على فيروس كورونا، وعادت الحياة إلى طبيعتها وعاد الإنتاج، وانتعش الاقتصاد؛ وتقوم اليوم بتنظيم أنشطة ومعارض لتشجيع الاستهلاك بطرق إبداعية تتمشى والوضعية الحالية التي يعيشها العالم.