“غوانغ زو” الصينية مدينة الموريتانيين والأسواق الكبيرة
تحس وكأنك في سوق العاصمة الموريتانية نواكشوط وأنت تزور بعض أسواق المدن الصينية، وتلتقي في هذه الأسواق الكثير من الموريتانيين الذين بنى بعضهم سمعة طيبة في هذا البلد البعيد عنهم والمختلف في كل شيء.
من الأمثلة الجيدة على وجود الموريتانيين مدينة “غوانغ زو” الواقعة في الجنوب الصيني. و هي عاصمة إقليم “غوانغ دونغ “،و تعتبر ثالث مدينة صينية من حيث عدد السكان بعد “شنغهاي” و “بكين” .. ولعل وجود الموريتانيين الملحوظ يعود إلى أن المدينة تعتبر “عاصمة الأسواق الصينية”، الاسم الذي يحلو لكثيرين هنا أن يطلقوه عليها. وهي أيضا مدينة سياحية و صناعية.
يطالعك وأنت تزور منطقة “يويشيو “و شارع “شياو بيلو” بالتحديد – حيث يوجد معظم التجار العرب و المسلمين و حيث يمثل الأفارقة نسبة معتبرة من المترددين على الأسواق- سوق للملابس يشبه في تصميم محالّه “السوق الكبير” في انواكشوط ، و تذكر أزقته الضيقة و ازدحامه الشديد بسوق “نقطة ساخنة”.. وفي هذه الأسواق تلاحظ وجود البضائع نفسها المعروضة في أسواقنا، إلى جانب طريقة العرض القريبة من طريقتنا.. و لعل الأطرف هنا أن الزائر الموريتاني مثلي لن يشعر بالغربة أبدا فأغلب البائعين و المتسوقين والمتجولين، إما من موريتانيا أو من بلدان جارة لنا كالسنغال و مالي و المغرب أو من جنسيات عربية . وسيقرأ هذا الزائر أيضا على الواجهات عناوين مكاتب تظهر اسم نواكشوط في بعضها.
أحد المكاتب
لم أحتج وقتا كبيرا لأكتشف مدى تميز الجالية الموريتانية في هذه المدينة التجارية و كيف بنت بسرعة قياسية سمعة طيبة للموريتانيين في الصين بشكل عام، فعمل الجالية و نشاطها يتسم بالكثير من الالتزام و العزيمة و الاحترام لقوانين و نظم البلد المضيف. وينقسم الموريتانيون في “غوانغ زو” إلى ثلاثة أقسام ، قسم يتردد على المدينة باستمرار لشراء بضائع و العودة بها إلى موريتانيا، تمثل نسبة كبيرة من المعروض في الأسواق الموريتانية. و قسم له مكاتب تعمل على تقديم الخدمات للتجار القادمين إلى المدينة، و يتعاملون إلى جانب الموريتانيين مع تجار من أوروبا و أمريكا و الخليج و المغرب العربي. و قسم ثالث من رجال الأعمال الذين يملكون شركات خاصة بالاستيراد و التصدير. ويدير الموريتانيون من خلال مكاتبهم أعمالهم المنتشرة في مقاطعة “يي وو”.. وهم يحرصون على البقاء مرتبطين بالوطن و يتابعون بترقب و اهتمام كل جديد سواء على الساحة السياسية أو الثقافية.
صورة لبعض أفراد الجالية
تميزُ التجار و رجال الأعمال الموريتانيين في ” غوانغ زو” و ” يي وو” و الصين بشكل عام ليس كلاما مرسلا أو عبارات مجاملة، فأثناء إعدادي لهذا التقرير توصلتُ إلى فوز رجل الأعمال الموريتاني الراحل سيدي احمد ولد سيدي ألمين بجائزة ” رجل الأعمال الأكثر ثقة في مجال التجارة الأجنبية ” و المنظمة من طرف مكتب وزارة الخارجية في مقاطعة “يي وو ” ، وقد تفوق الفقيد سيدي احمد في تصويت إلكتروني استمر أياما على رجال أعمال من مختلف الأقطار… وكان سيدي احمد كان سفيرا لموريتانيا ترك للصينيين قبل العرب و المسلمين صورة جميلة و وردية عن موريتانيا و شعبها و ارتبط اسمه بكثير من النجاحات و العمل الجاد و العزيمة و حسن الخلق و الالتزام على المستويين الشخصي و العملي.و قد شكّل رحيله صدمة كبيرة بين أوساط الجالية الموريتانية و العربية و المسلمة و مثل الحضور المتنوع للتأبين مدى تأثير الراحل و مدى جمال الصورة التي رسمها بابتسامته الدائمة و أخلاقه العالية عن بلده و مجتمعه.
الفقيد سيدي احمد و هو يتسلم جائزته رجل الأعمال الأكثر ثقة في مجال التجارة الأجنبية إلى جانب رجال أعمال حصلوا على شهادات في مجالات أخرى
نموذج الجالية الموريتانية في الصين يدعو للفخر و يحتاج أن يسلط عليه الضوء أكثر، فهم يمثلون حسب رأيي دبلوماسية من نوع خاص فقد كانوا و مازالوا يحرصون على تمثيل البلد بشكل يليق بأرض المنارة و الرباط كما أنهم بعيدون كل البعد عما تقع فيه بعض الجاليات من محاولات للتلاعب بالقانون و الالتفاف على النُظم المعمول بها و المنظمة للعمل التجاري في الصين و يصبغ الاحترام و الالتزام أي عمل تجاري يقومون به.