يداً بيد لدفع العلاقات الصينية الموريتانية نحو مستقبل مشرق
لرغم من بعد المسافة بين الصين وموريتانيا،حيث تفصلهما آلاف الكيلومترات،إلا أنني ومنذ وصولي إلي موريتانيا قبل شهر تقريبا أحسست بأن الصداقة التقليدية بين البلدين متجذرة بعمق في قلوب الشعبين الصديقين،كما أن التبادل والتعاون البيني مثمر في مختلف المجالات، حيث ظلت العلاقات بين البلدين تتطور بشكل صحي ومستقر منذ إقامتها.
بصفتي السفير الجديد لجمهورية الصين الشعبية لدى موريتانيا أدرك جيدا مدى حجم المسؤولية و المهمة الجسيمة التي كلفت بها، وأنا على استعداد تام للعمل مع الجميع للمساهمة في تعزيز الصداقة التقليدية، والتعاون العملي المثمر بين البلدين الصين وموريتانيا.
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصين وموريتانيا، وعلى مدى السنوات ال 56 الماضية ظل البلدان متمسكين بطابع الصداقة والأخوة القوية ،و تجمعهما الكثير من المصالح المشتركة، ويتقاسمان السراء والضراء، وقد قدما نموذجا حيا للعلاقات بين البلدان ذات النظم الاجتماعية،والتاريخ والثقافة،ومستويات التنمية المختلفة.
و في السنوات الأخيرة، شهد البلدان تبادلات متكررة رفيعة المستوى، وثقة سياسية متبادلة قوية، ودعمًا قويًا لبعضهما البعض في القضايا الجوهرية للجانبين،كما دخلت العلاقات الثنائية مسار التنمية الشاملة السريع.
تولي الصين أهمية كبيرة لمكانة موريتانيا الفريدة في إفريقيا والعالم العربي، و
تدعم موريتانيا في لعب دور فعال في حلحلة القضايا الإقليمية الساخنة.
وقد أثمر التعاون البراغماتي بين البلدين فوائد ملموسة للشعبين من ميناء الصداقة إلى الملعب الأولومبي، ومستشفى كيفه، حيث تنتشر مشاريع البنية التحتية التي أنشأتها الصين في جميع أنحاء موريتانيا، وتغطي مختلف المجالات.
و خلال 2020، وفي ظل الانكماش العام للاقتصاد العالمي الناجم عن تفشي وباء كورونا، حقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وموريتانيا
نتائج جديدة ، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 1.962 مليار دولار، بزيادة قدرها 0.73٪ على أساس سنوي، مع تسجيل عجز في الميزان التجاري الصيني بواقع 488 مليون دولار أمريكي ، كما استأنفت الشركات الصينية العمل والإنتاج بنشاط، وأنجزت وسلمت إلي موريتانيا 6 مشاريع مكتملة، وخلال العام الجاري سيبدأ العمل في مشروع النظام الأمني والمراقبة العامة بنواكشوط، وتوسيع المعهد الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية، ومشاريع أخرى ستقوم بها الصين، ومن المؤكد أن هذه المشاريع ستقدم مساهمات جديدة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين الظروف المعيشية في موريتانيا.
إن العمل على الرفع من التبادلات الثقافية والشعبية يعزز الروابط بين الشعوب، وفي هذا الإطار حافظ الحزبين الحاكمين والهيئات التشريعية في البلدين على تبادلات وثيقة، وقد دأبت الصين منذ وقت طويل على تدريب الكوادر
الموريتانية في مختلف المجالات على سبيل المثال لا للحصر التعاون الاقتصادي، والوقاية من الأمراض السارية، والتصحر ومحاربته، وإدارة الموانئ، والتعدين، والرياضية ، كما قدمت منحا حكومية، وبعثت أساتذة اللغة الصينية، هذا بالإضافة إلى إنشاء على التوالي معهد كونفوشيوس بجامعة نواكشوط، ورابطة خريجي الصين، ومركز طريق الحرير للتبادل الثقافي،بالإضافة إلى إرسال 34 بعثة طبية تضم 875 طبيبا إلى موريتانيا،وقد لقيت مهاراتهم الطبية العالية و خدمتهم الممتازة استحسان المواطن الموريتاني.
منذ تفشي وباء كورونا توصل الرئيس شي جين بينغ والرئيس محمدالشيخ الغزواني إلى إجماع مهم بخصوص العمل معا لمكافحة الوباء، كما أظهرت حكومتاوشعبي البلدين الصداقة العميقة بمساعدة بعضهما البعض،وشاركت الصين تجربتها في مكافة الوباء مع موريتانيا، كما قدمت مستلزمات الوقاية الطبية، بالإضافة إلى الدفعة الأولى من اللقاح، التي تعد أول دفعة تصل موريتانيا، وسيتم قريبا تقديم الدفعة الثانية المكونة من 200 ألف جرعة من اللقاح، وذلك تجسيدا لتنفيذ التزام الرئيس شي جين بينغ الجاد بجعل اللقاحات الصينية منتجا عاما عالميا، ومساعدة لموريتانيا على تحسين قدرتها على الوقاية من الوباء ومكافحته.
هناك مثل صيني قديم يقول ” زهرة واحدة لا تصنع الربيع في حين أن مائة زهرة تجلب الربيع إلى الحديقة”. وتعتبر موريتانيا شريكا إقليميا مهما للصين، كما تعتبر العلاقات الصينية الموريتانية نموذجا للتضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة بين الصين ودول الشرق الأوسط والدول العربية والإفريقية.
في الآونة الأخيرة قام عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي بزيارة ست دول في الشرق الأوسط، وطرح مبادرة من خمس نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط،وتعد هذه مساهمة جديدة للحكمة الصينية في تعزيز الأمن والتنمية الإقليميي، بدعم من موريتانيا ودول أخرى، أصبحت جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية توقع وتدعم بشكل مشترك المبادرة الصينية لأمن ألبيانات، وخلال العام الجاري ستشارك الصين إلى جانب إفريقيا في تنظيم القمة الجديدة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، مما سيمكن من زيادة تعزيز التنمية رفيعة المستوى وعالية الجودة للتعاون الصيني الإفريقي، وهذا ما سيخلق المزيد من الفرص للتعاون الصيني الموريتاني.
يصادف عام 2021 الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وكذلك شروع الصين في تنفيذ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ والاجتماعية الوطنية، والمضي قدما في تحقيق أهداف ورؤية الصين 2035، وكما قال الرئيس شي جين بينغ، فإن كل ما قام به الحزب الشيوعي الصيني هو السعي لتحقيق سعادة الشعب الصيني، ونهضة الأمة الصينية ، وكذلك تحقيق السلام والتنمية للبشرية جمعاء.
وعلى مدى المائة عام الماضية، قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني
بأكمله إلى تحقيق قفزة تاريخية، وفي نفس الوقت بقيت الصين تتمسك بطريق التنمية السلمية،وتنتهج بحزم سياسة خارجية مستقلة قائمة على السلام،وترفع عاليا راية التعددية،و تناقش مع شركائها مبادرة “الحزام والطريق” وتتطلع إلى العمل معا من أجل بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية جمعاء.
إن جمهورية الصين الشعبية على استعداد لاغتنام هذه الفرصة لزيادة تعميق الصداقة التقليدية مع موريتانيا، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة،والارتقاء بتلاقي الاستراتيجيات التنموية بين البلدين، و توطيد التعاون التقليدي الثنائي مع توسيع مجالاته، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الوباء، وتكثيف التبادلات الشعبية والثقافية، والدفع بالتطور المستمر للعلاقات بين الصين وموريتانيا بما يعود بالنفع والنماء لصالح البلدين والشعبين الصديقين.
سفير جمهورية الصين الشعبية لدى موريتانيا. لي باي جون