صفحة جديدة… رسالة فخامة الرئيس للمؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي الصيني و الأحزاب العربية
بقلم الدكتور يربان الحسين الخراشي
رسالة فخامة الرئيس تنهي مرحلة الفتور بين البلدين
وجه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني صباح اليوم الاثنين رسالة إلى المؤتمر الاستثنائي بين الحزب الشيوعي الصيني الحاكم والأحزاب العربية عبر خاصية الفيديو كونفرانس بعنوان “يدا بيد” لمواجهة جائحة كورونا بمشاركة رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية السيد سيدي محمد ولد الطالب أعمر.
رسالة فخامة الرئيس تأتي في ظل سياق دولي خاص يتسم بشبه اصطفاف عالمي جديد، كما تأتي في ظل فتور في العلاقات بين انواكشوط وبكين طال عدة مجالات، وقاد بلادنا بعيدا خارج المنصات الجديدة للتعاون مع الصين، فرغم التهافت العالمي من أجل الظفر بفرصة في السوق الصيني أو تمويل أو منحة مالية من الصين، إلا أن بلادنا كانت خلال السنوات الأخيرة تسبح عكس التيار العالمي المتوجه شرقا، وكانت تقاطع دون مبرر دبلماسي أو اقتصادي أو تجاري غالبية المؤتمرات والمعارض الدولية المهمة في الصين على سبيل المثال لا للحصر:
بلادنا لم تشارك في المنتدى الدولي الثاني لمبادرة الحزام والطريق المنعقد في بكين نهاية إبريل2019، والذي تمخض عنه التوقيع على 283 مشروعا على المستوى العالمي بقيمة 64 مليار دولار؛
بلادنا لم تشارك في المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني-الإفريقي الأول في مدينة تشانغشا نهاية يونيو 2019، والذي شهد التوقيع على 84 اتفاقية تعاون بقيمة 20.8 مليار دولار؛
بلادنا أيضا لم تشارك في النسخة الثانية لمعرض الصين الدولي للاستيراد الذي أختتم نهاية نوفمبر 2019 واستمر خمسة أيام فقط شهدت التوقيع على صفقات بقيمة 70 مليار دولار.
هذا بالإضافة إلى أن بلادنا كانت ولا زالت الحاضر الغائب في مشروع القرن مبادرة “الحزام والطريق ” و حتى الآن لم تنضم وتصبح عضوا في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي بلغ إجمالي عدد أعضائه 103 عضوا، بحجم سكاني يقدر بحوالي 80% من إجمالي سكان العالم، وحجم اقتصاد يمثل 70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، البنك الذي يصل رأس ماله إلى 100 مليار دولار، ويرجح مستقبلا أن يكون منافسا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وحاليا ووفق أحدث البيانات ساهم بتمويل 78 مشروعاً تنموياً في 28 دولة بقيمة إجمالية قدرها 17.04 مليار دولار أمريكي.
بلادنا حتى الآن البلد الوحيد في شبه المنطقة الذي لايوجد فيه أي مشروع باسم مبادرة الحزام والطريق رغم بلوغ قيمة المشاريع المنفذة والجاري تنفيذها في دول الجوار أكثر من 1.7 مليار دولار، وكذلك رغم التوقيع على عدة مشاريع بعضها في إطار التعاون الصيني العربي وبعضها في إطار التعاون الثنائي الموريتاني الصيني لكن كلها حتى الآن لم ترى النور من بينها مشروع لو تم تنفيذه واستغلاله بشكل جيد قد يغير من موقعنا الاقتصادي والجيوسياسي في شبه المنطقة بل أكثر من ذلك قد يكون بوابة إعادة روابط المنطقة إلى ما قبل العهد الاستعماري.
اختيارالمؤتر الذي دعت إليه دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني كأول مشاركة لفخامته في الصين وإن كانت عن بعد ينم عن فهم عميق لطبيعة الشأن الصيني، والدخول من البوابة الكبرى والوحيدة للصين ” الحزب الشيوعي الصيني ” فلا ننسى أن سعادة السفير الصيني لدى بلادنا سبق وأن صرح بأنه ” يمكن القول بأنه بدون الحزب الشيوعي الصيني لا وجود لصين اليوم، ومن لا يعرف الحزب الشيوعي الصيني لا يعرف الصين، ولا يمكنه التعاون معها بشكل جيد “.
وقد تفتح رسالة اليوم صفحة جديدة مع شريكنا التجاري الأول، وتنهي بذلك مرحلة الفتور خاصة أن فخامة الرئيس أثنى في رسالته على العلاقات التاريخية المتميزة بين بلادنا والصين من جهة، وبينها والعالم العربي من جهة أخرى، متعهدا بالعمل مع الرئيس الصيني شي جي بينغ على تطويرها وتعزيزها، وقد يكون توقيتها بحد ذاته له دلالة مهمة إذ تأتي أياما قليلة قبل احتفال البلدين بمرورالذكرى ال 55 على اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، كما تأتي في ظل تشكل عالم ما بعد كورونا، وكذلك مرور سنة على انتخاب فخامة الرئيس، بالإضافة إلى بروز الكثير من القضايا الجوهرية للصين على الساحة الدولية.
ونتمنى أن تساهم هذه الخطوة بالإضافة إلى المواقف الموريتانية الثابة والداعمة للجانب الصيني في القضايا الهامة التي تتعلق بالمصالح الجوهرية لها في تعزيز العلاقات السياسية و الاقتصادية بين البلدين مع السعي إلى فتح قنوات جديدة وتشجيع وجلب الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية التي تخلق قيمة مضافة وفرص عمل أكثر.
تجدر الإشارة إلى أن حجم الاستثمار الصيني المباشر في إفريقيا و العالم العربي خلال السنة الماضية 2019 بلغ على التوالي 3 مليار دولار و 1.42 مليار دولار كان نصيبنا منها 31.87 مليون دولارا.