اقتصاد وأعمالسياسةمواضيع مختارة

العمل يدا بيد على إقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للبشرية

كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في قمة الصحة العالمية )يوم 12 مايو عام 1212)

السيد رئيس الوزراء ماريو دراغي المحترم،
السيدة الرئيسة أورسوال فون دير الين المحترمة،
أيها الزمالء،
يسعدني جدا أن أحضر قمة الصحة العالمية. في العام الماضي، عقدت مجموعة
العشرون بنجاح القمة االستثنائية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد وقمة
الرياض، حيث توصلت إلى عديد من التوافقات المهمة حول سبل تعزيز التضامن
العالمي لمكافحة الجائحة والمساهمة في إنعاش االقتصاد العالمي.
شهدت السنة الماضية ونيف ظهورا وتحورا متكررا لفيروس كورونا المستجد،
وما زالت هذه الجائحة التي تعد أخطر من نوعها منذ قرن تتفشى في العالم. وإن
هزيمة الجائحة في يوم مبكر واستعادة النمو االقتصادي ألمر يمثل األولوية األولى
للمجتمع الدولي. فيجب على أعضاء مجموعة العشرين تحمل مسؤوليتها في التعاون
الدولي لمكافحة الجائحة، وتلخيص الخبرات والدروس مع عدم تضييع الوقت في
معالجة أوجه القصور وسد الثغرات وتقوية الحلقات الضعيفة، والعمل على تعزيز
اإلمكانية والقدرة على التعامل مع الطوارئ الخطيرة للصحة العامة. فيما يلي، أود أن أطرح خمس نقاط حول ما يتعين علينا القيام به.
أولا يجب االلتزام بمفهوم الشعب أوال والحياة أوال. نقوم بمكافحة الجائحة من
أجل الشعب، وال بد لنا االعتماد عليه. أثبتت التجارب على أن االنتصار على
الجائحة بشكل نهائي يتطلب وضع سالمة أبناء الشعب وصحتهم في المقام األول،
والتحلي بالمسؤولية والجرأة السياسية الكبرى، واتخاذ اإلجراءات االستثنائية
لمواجهة التحديات االستثنائية، وبذل قصارى الجهد للتعامل مع جميع حاالت
اإلصابة، وإنقاذ جميع المصابين، واالحترام الجدي لقيمة وكرامة الحياة لكل شخص.
في الوقت نفسه، من المهم تقليل التأثير على حياة الشعب بقدر اإلمكان وصيانة النظام
العام في المجتمع.
ثانيا، يجب اتباع السياسات القائمة على العلم وضمان االستجابة المنسقة
والمنهجية. في وجه هذا المرض المعدي الجديد، يجب علينا تكريس الروح العلمية
واتباع المقاربة العلمية واالمتثال لقانون العلم. إن مكافحة الجائحة معركة شاملة
تتطلب االستجابة المنهجية للتنسيق بين التدخل الدوائي والتدخل غير الدوائي
والتوفيق بين مكافحة الجائحة بشكل دقيق وروتيني وإجراءات الطوارئ، وضمان
السيطرة على الجائحة والتنمية االقتصادية واالجتماعية في آن واحد. ويجب على
أعضاء مجموعة العشرين اتخاذ سياسات اقتصادية كلية مسؤولة وتعزيز التنسيق
فيما بينها إلبقاء السالسل العالمية للصناعة واإلمداد في حالة السالمة والساللة.
ويجب مواصلة دعم الدول النامية وخاصة الدول الهشة التي تواجه الصعوبات البالغة
من خالل تعليق خدمة الديون وتقديم المساعدة التنموية لها.
ثالثا، يجب االلتزام بروح الفريق الواحد والدعوة إلى التضامن والتعاون. تدل
هذه الجائحة مرة أخرى على أن البشرية تتقاسم السراء والضراء وتعيش في مجتمع
ذي مستقبل مشترك. في وجه جائحة كبرى مثل جائحة فيروس كورونا المستجد، يجب علينا التمسك بمفهوم مجتمع تتوفر فيه الصحة للبشرية وتعزيز التضامن
والتعاون لتجاوز الصعوبات العابرة، والرفض القاطع لجميع المحاوالت لتسييس
الجائحة ووضع العالمات الجغرافية على البلدان األخرى وتشويه سمعتها. إن
التالعب السياسي ال يسهم قيد أنملة في المعركة المحلية ضد الجائحة، بل ويعرقل
التعاون الدولي لمكافحة الجائحة ويلحق أضرارا أكبر بشعوب العالم.
رابعا، يجب االلتزام بالعدالة واإلنصاف وسد “فجوة المناعة”. قبل سنة،
طرح ت ضرورة جعل اللقاح منفعة عامة للعالم. أما في الوقت الراهن، فأصبحت
مشكلة عدم التوازن في التلقيح أكثر تفاقما. يجب علينا نبذ “قومية اللقاحات”، وإيجاد
حل مالئم لقضية الطاقة اإلنتاجية والتوزيع للقاح، وتعزيز إتاحة اللقاح للدول النامية
بتكلفة ميسرة. ويجب على الدول الرئيسية التي تطور وتنتج اللقاحات تحمل
مسؤوليتها وتقديم مزيد من اللقاح إلى الدول النامية ذات االحتياجات الملحة، ودعم
شركاتها إلجراء البحوث المشتركة واإلنتاج المخول مع الدول ذات القدرة. ويجب
على المؤسسات المالية المتعددة األطراف تقديم الدعم التمويلي الشامل للدول النامية
في شراء اللقاح. ويجب على منظمة الصحة العالمية تسريع الوتيرة لتنفيذ “برنامج
كوفاكس”.
خامسا، يجب االلتزام بحل المشكلة بظواهرها وبواطنها في آن واحد واستكمال
منظومة الحوكمة. تمثل هذه الجائحة اختبارا شامال لمنظومة الحوكمة العالمية
للصحة. وفي هذا السياق، يجب علينا تعزيز وتفعيل دور األمم المتحدة ومنظمة
الصحة العالمية واستكمال المنظومة العالمية للوقاية من األمراض والسيطرة عليها،
بما يمنع األوبئة ويستجيب لها بصورة أفضل في المستقبل. ويجب االلتزام بروح
التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، وحسن اإلصغاء إلى آراء الدول النامية،
والتجاوب مع مطالبها المشروعة بشكل أفضل. كما يجب تعزيز قدرة الرصد واإلنذار المبكر واالستجابة للطوارئ، وتعزيز قدرة العالج في الجائحات الخطيرة،
وقدرة ضمان احتياطي الطوارئ واإلمداد اللوجستي ومكافحة المعلومات المزيفة
وتقديم الدعم للدول النامية.
الزمالء!
في هذه المعركة غير المسبوقة ضد الجائحة، القت الصين دعما ومساعدة من
دول عديدة، وأطلقت الصين بالمقابل عملية إنسانية واسعة النطاق على المستوى
العالمي. في الدورة الـ37 لجمعية الصحة العالمية المنعقدة في مايو من العام
أعلن ت عن 5 إجراءات ستتخذها الصين لدعم التعاون العالمي في مكافحة الماضي،
الجائحة، ونعمل اآلن على قدم وساق على تنفيذها على األرض. رغم القدرة اإلنتاجية
المحدودة والطلب المحلي الهائل، أوفت الصين بتعهداتها لتقديم لقاحات مجانية إلى
أكثر من 02 دولة نامية ذات احتياجات ملحة، وتصدير اللقاحات إلى 37 دولة. قد
منحت الصين ملياري دوالر أمريكي من أجل مكافحة الجائحة وتحقيق التعافي
االقتصادي واالجتماعي في الدول النامية المتضررة من الجائحة، وأرسلت
مستلزمات مادية إلى أكثر من 252 دولة و27 منظمة دولية، وقدمت للعالم أكثر من
102 مليار كمامة و3.7 مليار لباس واق و3 مليارات طقم اختبار. باإلضافة إلى
ذلك، تم إنشاء آلية التعاون لتوأمة المستشفيات الصينية مع 32 مستشفى إفريقي،
وبدأت في نهاية العام الماضي أعمال التشييد بشكل رسمي لمقر المركز اإلفريقي
لمكافحة األوبئة بمساعدة الصين. وحققنا تقدما مهما للمشروع المشترك بين الصين
واألمم المتحدة إلنشاء مستودع ومركز متخصصين لالستجابة اإلنسانية في الصين.
ذ الصين بشكل شامل “مبادرة مجموعة الـ12 لتعليق مدفوعات خدمة الديون
كما تنفّ
للدول األشد فقرا”، وتم تعليق مدفوعات خدمة ديون بقيمة تتجاوز 7.2 مليار دوالر
األمريكي حتى األن، وهي أكبر مبلغ من بين جميع أعضاء مجموعة العشرين.
من أجل مواصلة الدعم للتضامن العالمي لمكافحة الجائحة، أعلن ما يلي:
–ستوفر الصين المساعدات الدولية اإلضافية بقيمة 3 مليارات دوالر أمريكي
في السنوات الثالث المقبلة في سبيل دعم الدول النامية لمكافحة الجائحة وإنعاش
التنمية االقتصادية واالجتماعية.
–قد وفرت الصين 333 مليون جرعة من اللقاح إلى العالم، وستوفر مزيدا من
اللقاحات بقدر اإلمكان.
–تدعم الصين شركاتها المختصة باللقاح لنقل التكنولوجيا إلى الدول النامية
وإجراء التعاون معها في إنتاج اللقاح.
–قد أعلنت الصين عن دعمها لرفع حقوق الملكية الفكرية عن اللقاحات ضد
فيروس كورونا المستجد، وتدعم الصين منظمة التجارة العالمية وغيرها من
المنظمات الدولية التخاذ قرار بهذا الشأن في يوم مبكر.
–تدعو الصين إلى إنشاء منتدى دولي للتعاون في مجال اللقاح، تقوم الدول
التي تطور وتنتج اللقاحات والشركات وأصحاب المصلحة فيه بالتباحث حول سبل
تعزيز التوزيع العادل للقاح في العالم.
الزمالء،
قال الفيلسوف الروماني القديم سينيكا: “إننا أمواج في نفس البحر”. لنعمل يدا بيد
على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجائحة بحزم ال يتزعزع، وإقامة مجتمع تتوفر
فيه الصحة للجميع، وخلق مستقبل أفضل وأكثر صحة للبشرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى