اقتصاد وأعمالسياسةمواضيع مختارة

المواجهة التجارية بين الصين و أمريكا تلقي بظلالها على موريتانيا

الدكتور يربان الحسين الخراشي

انتهت الجولة الحادية عشرة  من المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة أمس الجمعة دون التوصل إلى اتفاق، وواشنطن ترفع الرسوم من 10 % إلى 25 % على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار، والصين تعلن أنها سترد بالمثل إذا ما مضت واشطن قدما في قرارها. وصول المفاوضات إلى طريق شبه مسدود يأتي في ظل تصعيد قياسي للحرب الكلامية بين واشنطن و بكين، حيث حذر يوم الأربعاء المنصرم وزيرخارجية أمريكا مايك بومبيو (Mike Pompeo) بريطانيا من الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق واصفا إياها بأنها عبارة عن ” صفقات فاسدة للبنية التحتية  في مقابل النفوذ السياسي”  كما قال” أن الصين تتبع دبلوماسية فخ الديون التي تغذيها الرشوة مما يهدد تقويض النموذج الاقتصادي  العالمي للسوق الحرة ” بل قد بالغ وزير الخارجية الأمريكي في تشويه حقيقة المبادرة عندما قال أنها “مبادرة  تقوض سيادة جميع الدول”.
وقد جاء رد بكين سريعا على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية السيد قنغ شوانغ  (耿爽) الذي قال: “一段时间以来,美方个别人士针对“一带一路”倡议,持续发表不负责任言论。特别是第二届“一带一路”国际合作高峰论坛前夕 أي: “منذ بعض الوقت هناك أفراد معدودين في أمريكا دأبوا على إصدار تصريحات غير مسؤولة بشأن مبادرة الحزام والطريق خاصة عشية انعقاد المؤتمر الدولي الثاني لمبادرة الحزام والطريق”  وأضاف  : 但结果怎么样呢?150个国家、92个国际组织共6000多名代表参加了第二届“一带一路”国际合作高峰论坛,这其中也包括美方的50多名代表。这是国际社会用行动对共建“一带一路”倡议投出的信任票和支持票,也是对美方言行最好的回应。” لكن ماذا كانت النتيجة؟ 150 دولة ، 92  منظمة دولية  وأكثر من 6000 ممثل شاركوا في قمة المؤتمر الثاني لمبادرة الحزام والطريق  بمن فيهم 50 مندوبا من أمريكا نفسها، وهذا التحرك  للمجتمع الدولي  تعبير عن ثقته ودعمه لبناء  مبادرة الحزام والطريق، و هو أيضا أفضل رد على تصريحات أمريكا وأفعالها “وتابع   :  我们注意到,这两天美方个别人又开始老调重弹,继续对“一带一路”倡议进行攻击抹黑。他们说得不累,我们听得都累了。我想再次提醒他们,不要高估自己的造谣能力,也不要低估他人的判断能力。如果他们愿意,那就让他们继续说,我们会继续加油干” لقد لاحظنا أنه في اليومين الأخيرين عاد أفراد معدودين في أمريكا إلى العزف على الاسطوانة المشروخة و الاستمرار في مهاجمة المبادرة  و تشويه سمعتها ، وإذا كانوا هم لم يتعبوا من القول فقد سئمنا نحن من سماعه، و أريد أن أذكرهم مرة أخرى ، لا تبالغوا في قدرتكم على اختلاق الشائعات، ولا تستهينوا بقدرة الآخرين على الحكم، إذا كانوا يرغبون في هذا، فليواصلوا الحديث. ونحن سنواصل العمل” الحكم”.
الحرب التجارية  بين واشنطن وبكين المشتعلة منذ أكر من سنة بدأت تلقي بظلالها على بلادنا التي وقعت على مذكرة التفاهم للتعاون مع الصين في إطار المبادرة المذكورة  مطلع سبتمبر 2018 خلال زيارة فخامة رئيس الجمهورية للصين للمشاركة في منتدى التعاون الصيني الإفريقي، ونكتفي بذكر أربعة دلالات على ذلك:
(1)
 موريتانيا  لم تبعث أي مسؤول للمشاركة في المؤتمر الدولي الثاني لمبادرة الحزام والطريق الذي عقد في بكين في الفترة ما بين 25 و 27 إبريل المنصرم  رغم التوقيع في إطار هذه المبادرة مسبقا على بعض المشاريع الهامة  التي بعضها قيد التصميم، وبعضها الآخر سيرى النور قريبا على سبيل المثال لا للحصر: ميناء في المياه العميقة في مدينة انواذيبو، وجسر “كرفور مدريد” ، و ميناء للتفريغ الصيد التقليدي عند كلم 28، وكذلك على الرغم من أن المؤتمر المذكور أعلاه شهد في يومه الأول مؤتمرا خاصا لرجال الأعمال حضره حوالي 850 من كبار رجال الأعمال حول العالم، وممثلين عن 90 شركة من بين ال 500 شركة الأكبر في العالم، ومئات الشركات المملوكة للحكومة الصينية.
(2)
حتى الآن لم تنضم موريتانيا وتصبح عضوا في  البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بينما دول شبه المنطقة  الجزائر، والمغرب، وتونس، وساحل العاج،  وحتى ليبيا كلهم أصبحوا أعضاء في البنك المذكور، و السنغال في الطريق.  تجدر الإشارة إلى أن عدد أعضاء البنك إرتفع  إلى 97 عضوا من جميع القارات، و هو بنك دولي قامت الصين بانشائه سنة 2015 برأس مال 100 مليار دولار أمريكي لتمويل مشاريع المبادرة، ويرجح مستقبلا أن يكون منافسا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.(3)حتى الآن لم تتم بلورة رؤية وطنية تتقاطع وتتلاقى مع مبادرة الحزام والطريق، رؤية توظف الموقع الجغرافي، والجيوستراتيجي لبلادنا، وتحولها إلى محطة هامة من محطات قطار التنمية الصيني فائق السرعة، رؤية مصممة على الاستفادة القصوى من الظرفية الدولية الحالية التي تتميز بتحول مركز الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، و تتميز أيضا بتنفيذ الصين لسياسات تعميق الإصلاح والانفتاح التي ستحولها من أكبر دولة مصدرة إلى أكبر دولة مستوردة، و من أكبر مصنع في العالم إلى أكبر سوق في العالم. رؤية ستمكننا من  إيجاد موطئ قدم في  السوق الصيني، مما سيفضي في النهاية إلى  تغيير معادلة مستقبل بلادنا مرهون بأسعار المادة الخام.
(4)
من الملاحظ في السنوات الأخيرة أن الصين أصبحت تبدي اهتماما متزايدا بمنطقة الغرب الإفريقي لعدة أسباب يضيق الوقت عن ذكرها.  لكن هذا الإهتمام المتزايد للدبلوماسية الصينية بالمنطقة التي تعتبر بلادنا همزة وصلها الجغرافية، والثقافية، و الاقتصادية، وربما الأمنية  لم  تلتقطه، و تعطيه دبلوماسيتها الموقرة القيمة التي يستحقها، مما قد يحرم بلادنا الكثير من فرص الاستثمارات، و الإعانات المالية  الصينية في المستقبل، بالإضافة إلى إضاعة فرصة توظيف هذا الاهتمام الصيني لصالح دبلوماسيتنا، و مصالح بلادنا في المنطقة.
تعد الصين  أكبر شريك تجاري لبلادنا بحجم تبادل تجاري بلغ سنة 2017 حوالي 1.647 مليار دولار، كما تعد من بين أكبر الممولين لبلادنا ، وهذا ما يجعل من سياسة الحاضر الغائب التي تتبعها بلادنا مع الصين غير مبررة وغير مفهومة خاصة في ظل تسجيل عجز تجاري قياسي بين البلدين بقيمة 71 مليون دولار سنة2017، و في ظل حضورنا المكثف لمؤتمرات ثانوية في دول أخرى لا تربطنا بها أي علاقات اقتصادية أو تجارية مهمة.
د. يربان الحسين الخراشي

RépondreTransférer
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى